عقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤتمراً صحفياً بعد قمة رؤساء دول وحكومات حلف الشمال الأطلسي.
وذكّر الرئيس أردوغان بأنهم، كحلفاء، اتخذوا موقفًا لصالح القانون الدولي ضد الحرب الروسية الأوكرانية، المستمرة منذ حوالي عامين ونصف، وتابع قائلاً: " لقد قمنا بمراجعة القرارات التي اتخذناها في سياق أوكرانيا في مؤتمرات القمة السابقة، واتفقنا أيضًا على خطوات ملموسة جديدة، لقد وافقنا على مبادرة حلف شمال الأطلسي للمساعدة الأمنية والدعم التدريبي لأوكرانيا، وقررنا تقديم الدعم المالي لعدة سنوات لأوكرانيا وتعيين ممثل رفيع المستوى لحلف شمال الأطلسي في كييف.
وتواصل تركيا جهودها بشكل مكثف منذ اليوم الأول لإنهاء هذه الحرب التي نشعر جميعا بآثارها المدمرة والتي تعرض أمننا المشترك للخطر، وإن رغبتنا الصادقة هي استئناف الاتصالات التي بدأناها بعملية إسطنبول وتوجتها بمبادرة البحر الأسود، وإعطاء فرصة للدبلوماسية، ونحن نعتقد أنه لن يكون هناك خاسرون في السلام العادل، لقد شاركت هذه التقييمات مع حلفائنا مرة أخرى خلال القمة".
"لا يمكن لنا أن نقبل العلاقة المشوهة التي أقامها بعض حلفائنا"
أشار الرئيس أردوغان إلى أن تنفيذ القرارات التي تم اتخاذها في قمة حلف شمال الأطلسي في فيلنيوس أمر مهم لوحدة الحلف وسلامته وردعه، وقال: "لقد طرحت حساسية بلادنا وتوقعاتها بشأن هذه القضية على جدول الأعمال مرة أخرى، ومن المهم زيادة الجهود المشتركة في مجال مكافحة الإرهاب، وفي هذا السياق، أتيحت لنا أيضًا الفرصة لمتابعة القرارات التي اتخذناها في قمتي مدريد وفيلنيوس، وقمنا بتحديث مبادئ سياسة مكافحة الإرهاب لحلف شمال الأطلسي في العام الماضي وتمشيا مع القرارات التي اتخذت في فيلنيوس، وعين الأمين العام الموقر منسقا خاصا لمكافحة الإرهاب، وهو الأول من نوعه في تاريخ الناتو، ونحن نرى أن هناك حاجة لتعزيز التعاون بين الحلفاء في الحرب ضد تركيا لأننا نعرف الوجه الوحشي والدموي للإرهاب، فنحن الدولة الوحيدة في حلف شمال الأطلسي التي قاتلت جنبًا إلى جنب مع داعش وهزمت هذه المنظمة، ودفعنا ثمناً باهظاً ضد المنظمة الإرهابية الانفصالية والهياكل الإرهابية المختلفة التي نكافحها، ونحن نتوقع التضامن من حلفائنا في الحرب ضد الإرهاب، وهو أحد التهديدين الرئيسيين اللذين حددهما حلف شمال الأطلسي، وقانون التحالف يتطلب هذا بالفعل، وإن القرارات التي اتخذناها وآليات التشاور الدائمة التي أنشأناها خلال عمليات انضمام فنلندا والسويد إلى منظمة حلف شمال الأطلسي أدت إلى فهم أفضل لأبعاد التهديد الإرهابي، وخاصة حزب العمال الكردستاني، ومع ذلك، لا يمكن لنا أن نقبل العلاقة المشوهة التي أقامها بعض حلفائنا، خاصة مع حزب الاتحاد الديمقراطي/وحدات حماية الشعب، امتداد منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية في سوريا، ومن هنا أكرر دعوتي للتخلي عن هذه السياسات الخاطئة التي تضر بوحدة وسلامة الحلف".
وصرح الرئيس أردوغان أن الناتو يجب أن يكون في تنسيق أوثق مع شركائه في الجنوب، وقال: "في هذا الصدد، وقعنا على قرارات مهمة في الجلسة الأولى للقمة تحدد النهج الجديد لحلف شمال الأطلسي تجاه الجنوب".
وأشار الرئيس أردوغان إلى أن مجزرة كبيرة وقعت في غزة منذ 7 أكتوبر وأن ما يقرب من 40 ألف شخص بريء معظمهم من النساء والأطفال فقدوا أرواحهم نتيجة هجمات نظام الاحتلال الصهيوني.
وقال الرئيس أردوغان ما يلي: "هناك ما يقرب من 90 ألف مصاب، وفي جميع اتصالاتي، لفتت الانتباه إلى الفظائع المستمرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخاصة في غزة، وشددت على أنه لا يمكن تحقيق السلام والاستقرار العالميين إلا إذا توصلت إسرائيل إلى حل دائم للقضية الفلسطينية، وتستمر إسرائيل في عدم تنفيذ قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وأوامر محكمة العدل الدولية، حيث تحاكم بتهمة الإبادة الجماعية.
وإن إدارة نتنياهو، بسياساتها التوسعية والمتهورة، لا تعرض للخطر أمن مواطنيها فحسب، بل المنطقة بأكملها أيضا. وفي هذه المرحلة نرى أن الوضع التالي قد أصبح واضحا، نحن أمام هيكل مستهتر لا يعترف بأي قانون أو نظام أو قيمة أو حدود، بما في ذلك قانون الحرب، وفي البيئة الحالية حيث ينزل الضمير العالمي إلى الشوارع للمطالبة بوقف الهجمات التي تستهدف المدنيين الفلسطينيين، فإن استمرار الدعم العسكري لإسرائيل أمر غير مقبول، لقد ركزت في كلمتي خلال الجلسة على هذه القضية بحساسية، ولا يمكن للإدارة الإسرائيلية، التي تدوس على القيم الأساسية لحلفنا، أن تحافظ على علاقة الشراكة مع الناتو، وإن لن توافق تركيا على محاولات التعاون مع إسرائيل وحلف شمال الأطلسي حتى يتم إحلال السلام الشامل والمستدام في الأراضي الفلسطينية".
"مستعدون لاتخاذ أي مبادرة بما في ذلك الضمان"
وأوضح الرئيس أردوغان أنه لا يمكن تحقيق السلام الدائم إلا إذا تم منح الفلسطينيين، الذين يعانون من الاحتلال والقمع منذ عقود ويعانون على أرضهم، الحق في أن تكون لهم دولتهم المستقلة ذات السيادة، وتابع على النحو التالي:
"من المهم أن يتكاتف الأعضاء المسؤولون في المجتمع الدولي من أجل حل الدولتين على أساس حدود عام 1967، وبالمثل، نحن سعداء للغاية لأن عدد الدول التي تعترف بفلسطين آخذ في التزايد، على الرغم من كل الضغوط والترهيب، وفي ظل محاولات تركيا أولا إعلان وقف إطلاق النار ومن ثم إقامة السلام الدائم، أود أن أؤكد مجددا أننا على استعداد لاتخاذ أي مبادرة، بما في ذلك الضمانة، لتوفير الدعم، وأنا هنا أدعو جميع حلفائنا إلى ذلك".
وشدد أردوغان على ضرورة زيادة ضغوطهم على إدارة "نتنياهو" لضمان وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية دون انقطاع إلى سكان غزة الذين يعانون من الجوع منذ تسعة أشهر. (İLKHA)